17‏/09‏/2011

10 سنوات من الحرب على الأرهاب

قبل أيام عادت ذكرى أحداث سبتمبر التي قتل فيها ثلاثة الالاف أمريكي نتيجة هجوم تبناه ما يسمى تنظيم القاعدة قبل عشر سنوات
إن هذه الأحداث التي تعيد الى الأذهان ما يعتبرونه الذكرى الأليمة بالنسبة للأمريكيين و لسنا بصدد مناقشة مشروعية تلك العمليات من عدمها فلا أحد يقبل بقتل
الأبرياء من أي دين او ملة كانوا و رغم أن لكل شئ سبب و قد كان العالم و ما يزال يغض بصره متعمدا على الأسباب الحقيقية لتلك الهجمات من تهميش المسلمين و دعم الدكتاتوريات بالعالم الإسلامي و العربي و الإنحياز الكبير للدولة العبرية و محاولة السيطرة على المنطقة و جعلها تابع مطيع لأمريكا و الغرب
و بما أنه لا زالت أمريكا و العالم الى الآن يرفضون الإعتراف بالأسباب الحقيقية المسببة لهذه الأحداث
و بما أن أمريكا قد أعلنت الحرب على ما تسميه الإرهاب و على تنظيم القاعدة و قد كانت نتيجة هذه الحرب أسوأ و من كل النواحي  و كانت بمثابة صب الزيت على النار
فلا بد من نقاش نتائج هذه الحرب بعد عشر سنوات من قيامها بدلا من البكاء كل سنة على الضحايا الذين سقطوا كان الأحرى بأمريكا مناقشة الأسباب الحقيقية و النتائج لهذه الحرب الطويلة الأمد لتتجنب امريكا و العالم حدوث مثلها بالمستقبل
ان المتتبع لنتائج هذه الحرب لا يرى الا خسارة لأمريكا خلال هذه العشر سنوات
خسارة من النواحي الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و حتى العسكرية من اهم هذه الخسائر

اولا : لقد احتلت امريكا افغانستان و دمرت البلاد و قتلت الألاف من المدنيين و شردت مئات الألاف من اجل القضاء على القاعدة
لقد ارتكبت امريكا جريمة تفوق ما حدث في سبتمبر الذي كان يمكن معالجته بغير القوة العسكرية المدمرة
لقد خسرت امريكا قيمها بالحرية و العدالة و الديمقراطية في ما فعلت فقد قتلت مقابل كل مواطن قتل من مواطنيها العشرات من الأبرياء و ليس من من قام بهذا العمل و مع ذلك لم تستطع القضاء على القاعدة بعد عشر سنوات من هذه الحرب طالبان الأن اكثر قوة و اكثر صلابة و اكثر من نصف افغانستان تحت سيطرة طالبان و انتشار طالبان الى منطقة جديدة و هي باكستان فالعمليات ضد القاعدة لم تكن الا زيادة قوة لهذا التنظيم و زيادة لانتشاره مع خسارة اهم ما تراه امريكا يميزها و هو مبادئ الديمقراطية و الحرية و حقوق الإنسان

ثانيا : احتلال بلد ثان ذا سيادة و عضو بالأمم المتحدة مع تدمير البلاد و البنية التحتية مع قتل مئات الألاف و تشريد الملايين من اهل العراق و قد ادى ذلك الى استحداث فرع جديد لتنظيم القاعدة بالعراق بدلا من القضاء عليه و كانت الخسائر الالاف القتلى من الجنود الأمريكان من اجل ثلاثة الالاف من الضحايا في سبتمبر و نتيجة طريقة المعالجة الخاطئة لأمريكا لهذا الحادث
ازداد عدد الضحايا الأمريكيين بدلا من ان يقل و ازداد عدد الضحايا الأبرياء بالعراق الى مئات الآلاف
هل كانت امريكا تريد ذلك فلا هي اوقفت خسائرها و لا هي احترمت سيادة الدول و حقوق الإنسان


ثالثا : من اهم ما خسرته امريكا هو مبادئها التي ترى انها استهدفت من اجلها و هي الحرية و الديمقراطية ففي أمريكا الأن اكثر رواجا للإسلام فوبيا و اكثر تقييدا للحريات خصوصا للمسلمين و عموما لكل المواطنين الأمريكيين فهي الأن تتصرف كالدول الدكتاتورية
من الإعتقال التعسفي و الإعتقال بدون محاكمة لفترات طويلة و مراقبة خطوط الهاتف لمواطنيها و التعذيب و التشديد الشديد للرقابة في مطاراتها بما ينتهك الخصوصية لمواطنيها و زائيرها و سجن جوانتانامو شاهد على ذلك فهو يقبع فيه المئات من دون محاكمة و من دون تهمة محددة و الأهم من ذلك انها تبرر ذلك و تشرعن له في قوانينها اي ان الحريات اصبحت تنتهك بالقانون نفسه
لقد خسرت امريكا اهم مبادئها بعد عشر سنوات من حربها

رابعا : خسائرها الإقتصادية الهائلة بعد الحرب شغل امريكا باقتصادها المنهار عن سيادتها التي تضعف تدريجيا منذ الحرب
فهي الأن في محاولة لإنقاذ ما يمكن انقاذه من اقتصادها

خامسا : القاعدة الأن اكثر انتشارا و اكثر قوة من قبل فها هي تعود قوية في افغانستان و انتشرت الى اماكن اخرى كثيرة مع زيادة قوتها فهي موجودة بقوة في باكستان و و موجودة بقوة كبيرة و تزداد قوتها في باليمن كما انها اكثر انتشارا و قوة في افريقيا
و ها هو تنظيم القاعدة بالعراق يستعيد قوته اذن الحرب لم تستطع القضاء على التنظيم بعد عشر سنوات من الحرب على الإرهاب

سادسا : امريكا الأن في تراجع عالمي واضح في نفوذها و قوتها وتأثيرها مع ازدياد مشاعر الكراهية ضد امريكا بالمنطقة العربية و الإسلامية و بالعالم ايضا فهي لم تقض على تنظيم القاعدة و خسرت اقتصادها و نفوذها

سابعا : امريكا الأن اكثر خوفا و ليست اكثر امانا فالمواطن الأمريكي اكثر خوفا سواء في امريكا او خارجها نتيجة ازدياد مشاعر الكراهية و عدم القدرة على القضاء على التنظيم المعادي و العالم كله اصبح اكثر خطرا ايضا بعد هذه الحرب على ما يسمى الإرهاب

ثامنا : خسارتها لبعض حلفائها بالمنطقة نتيجة الربيع العربي نتيجة لعدم قدرتها على حماية حلفائها بسبب ضعفها بسبب الحرب على ما يسمى الإرهاب

بالنتيجة امريكا في تراجع على كل النواحي سواء تراجع نفوذها بالمنطقة سياسا و تأثيرا او ضعف اقتصادها الشديد و تخليها عن قيمها الإنسانية و الحرية و الديمقراطية التي كانت ترى انها اهم ما يمثلها و القاعدة في نمو و ازدياد و هذا حدث نتيجة التغاضي عن الأسباب الحقيقة لحادثة سبتمبر و محاولة اطفاء النار بالنار بدلا من اطفائها بالماء