11‏/04‏/2012

يوم حزين في بغداد






الحمد لله رب العالمين 
لم اكن اتخيل في نفسي يوما ان اكتب عن احتلال بغداد فمثل هذا الأمر لم يكن ليطرق في تفكيري و لا حتى بالأحلام او الخيال 
عندما بدات الحرب على بغداد في 2003 كنت اتوقع ان تكون كحرب 1991 سوف تكون جولة من القصف و تنتهي بعد ان يضربوا و يخربوا جزء من بنية البلاد و لكن ما ان مر عشرون يوما تقريبا و في فترة قصيرة جدا حدث ما كانن بعيدا عني حتى بالخيال ففي يوم
التاسع من ابريل من 2003 اليوم الأسود في حياة المسلمين بالعراق بل و في كل العالم 
في الليلة التي سبقت يوم الاحتلال كم هذه الكلمة تثير من الألم في داخلي كنت و عائلتنا نجلس البيت فلا يستطيع احد الخروج بالغالب في في هذه الليلة بالذات حدث قصف عنيف لم نستطع ان ننام من شدته و كان القصف قريبا من منطقتنا فقد كنا قريبين من المطار الذي كان اول منطقة تحتل في بغداد و عندما جاء الصباح و خرجت الى الشارع رأيت الناس يتكلمون و يتهامسون 
رايت اناسا لا يستطيعون كلاما من شدة الصدمة 
فسألت ما الذي حدث بعضهم لم يستطع الأجابة من شدة الصدمة 
اجابني البعض الأخر ان الدبابات الأمريكية بالشارع الرئيسي لمنطقتنا 
لقد وقع الخبر على قلبي كالصاعقة لقد كانت صدمة قوية بحق لم استطع تجاوزها الى الأن 
لم اصدق هل دخل عباد الصليب الى بغداد فعلا هل بغداد اصبحت محتلة من الصليبين 
كنت اتمنى ان يكون ما افكر فيه حلما او خيالا عارضا لا حقيقة له 
فهذا امر اكبر من اتصوره او اتخيله 
نعم لقد احتلت بغداد سابقا من المغول زمن هولاكو و من الصليبين الأنكليز لقد قرات هذا بالتاريخ كنت دائما الوم المسلمين عندما اقرأ التاريخ كيف سمح المسلمين لجنود المغول او جنود الصليب باحتلال ارضهم كيف ينامون و هم يرون جنود الأحتلال يمشون بحرية في ارضهم 
لم يدر في خلدي و في تفكيري ابدا ان يعود التاريخ الى الوراء و انني سوف اصبح جزءا من تاريخ ارض محتلة كنت الوم اجدادي على ضياعها 
فكرت في نفسي هل انا في واقع هل فعلا سوف ارى بعيني جنود الأحتلال الصليبي يمشون في ارضي لقد فكرت و فكرت كثيرا 
في ذلك اليوم في اليوم الأول من الأحتلال لم اعد احس للطعام اي طعم هذا ان تذوقته اصلا فالخطب كان كبيرا جدا 
لقد كانت الافكار تراودني في ذلك اليوم كنت غارق بالتفكير 
هل سقطت بغداد فعلا لا يمكن ان تحتل بغداد كنت اريد تصديق نفسي و تكذيب الواقع لا اريد تصديق ان بغداد قد اصبحت بيد عباد الصليب 
بين النوم و القلق مضت الليلة الأولى من سقوط بغداد و انا ما زلت في ذهول و صدمة من هذا الأمر الشديد
عندما جاء الصباح هو لم يكن صباحا لقد اصبحت ايامنا كلها سودا لم يعد هناك نهارا او ليل فكلها اصبحت ظلاما 
ترددت كثيرا بالخروج من البيت لم اكن اريد ان يقع بصري على صليبي دنس ارضي 
لم اكن اتوقع اني سأتحمل مثل هذا المشهد 
بعد تردد و نقاش داخل نفسي اقنعت نفسي بالخروج لأرى بعيني حتى لا استطيع تكذيبها مرة اخرى 
خرجت من منزلي و يا ليتني لم اخرج خرجت الى الشارع الرئيسي لمنطقتنا 
وقعت عيني على جنود الأحتلال لأول مرة اول مرة ارى جنود الأحتلال الصليبي بعد ان كنت اراهم سابقا على الشاشات فقط 
ها هم يقفون ببعض عرباتهم بالطريق و ينزلون الى الشارع ها هم يشترون بعض احتياجتهم من السوق 
لقد كانت صدمة اخرى اكبر من صدمة سماع الخبر لقد رايت لأول مرة جنود امريكان يمشون في شوارع بغداد
وقفت مذهولا لقد كان الأحتلال حقيقيا و هذا الواقع اراه بنفسي جنود يمشون بارضي بحرية من دون ان نفعل شيئا 
لا حول و لا قوة الا بالله قلتها في نفسي و عدت الى البيت و انا في حالة صدمة 
كنت عاجزا عن التفكير من هول ما رأيت ماذا افعل 
جلست مع نفسي و بكيت كثيرا بكيت كثيرا كما تبكي النساء على بلادي التي اضعناها 
اين المسلمين مليار و نصف مسلم لا ادري بماذا يفكرون ماذا يفعلون بماذا يشغلون انفسهم لعلهم في اخر اغنية او فلم او مسلسل
او بفريقهم المضل لكرة القدم 
لقد كانت صدمة اقوى من احتمالي كان لا بد لي من البكاء لعلي اخفف عن نفسي شيئا من الصدمة
خرجت الى سطح المنزل كنت انظر الى بغداد 
انظر الى اشجار النخيل و البرتقال انظر الى الطرقات و الجدران 
انظر الى الناس الذين كانو في ذهول من الصدمة 
نظرت الى النخيل الى الأشجار الى الجدران الى الطيور الى الى الكلاب الى القطط
كانت بغداد تلبس رداء السواد كانت حزينة جدا كنت احس الحزن بالنخيل بالجدران بكل شيئا 
شعرت و كأنها تود البكاء و لكن لا تستطيع كانت اصوات اوراق الأشجار و كانها تريد البكاء على بغداد 
بغداد بلاد الحضارة بغداد عاصمة الحضارة الأسلامية عاصمة الخلافة لقرون اصبحت محتلة الأن 
محتلة من الرعاء و السفهاء من اهمج اناس بالعالم من الصليبين 
ايعقل ان تكون بغداد ان تكون عاصمة الحضارة الأسلامية بيد الصليبين ايعقل انا لم نستطع ان ندافع عنها 
لقد اصبح كل شئ اسود في حياتي و حياة من له غيرة على ارض المسلمين
ضيعنا الأندلس و ضيعنا فلسطين و ضييعنا افغانستان القوقاز .......... و القائمة طويلة و اخيرا بغداد
لم يكن الم الأحتلال في نفسي باشد من المي ليس بمن لم يعاون اهل بغداد في مواجهة الأحتلال 
بمن كان عونا لهم من ابناء جلدتنا ممن يدعي الأسلام ممن كان سببا في مجئ الأحتلال ممن ساعده و تعاون معه و ثبته في بلادي 
و خاصة من ابناء بلاد الرافدين اقصد المسلمين منهم فلم يكن هناك املا في غيرهم اصلا 
لقد كتبت هذه الكلمات في ذكرى سقوط دار السلام بغداد عاصمة الرشيد لا لكي اتذكر مثل هذا اليوم فمثل هذا اليوم اصعب من ان ينسى و لا يزال تأثيره في حياتي و حياة المسلمين حول العالم و لن ينتهى تاثيره الا بزوال الأحتلال و عودة حكم الأسلام الى بلادي و بلاد المسلمين اسال الله ان يكون قريبا . 
و لكنها كلمات كتبتها بهذه الذكرى الأليمة لعلي اذكر من نسي و من لم يرى الأحتلال فمن سمع ليس كمن راى 
عزائي الوحيد في هذا اليوم بقدر ما كان يوم سقوط بغداد يوما اسودا في تاريخ المسلمين كان يوما مضيئا بانطلاق الجهاد لتحرير ارض الرافدين اسال الله ان يديم نعمة الجهاد حتى تحرير بلادنا و مقدسات المسلمين من ايدي الصليبين و اليهود
و بأذن الله تكون ذكرى احتلال بغداد من السنة القادمة ذكرى تحرير بغداد و عودة حكم الأسلام الى القدس و بغداد و كابل و كل مكان 
و الحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق